~¤§¤~منتديات المبدع~¤§¤~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
~¤§¤~منتديات المبدع~¤§¤~

°°~¤§¤~منتديات المبدع~¤§¤~°°
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 دموع على سفوح المجد - الفصل الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البرنس الفلسطيني
::المدير العام للمنتدى::
::المدير العام للمنتدى::
البرنس الفلسطيني


عدد الرسائل : 170
الاقامة : دولة الامارات العربيه المتحدة
تاريخ التسجيل : 16/06/2007

دموع على سفوح المجد - الفصل الثاني Empty
مُساهمةموضوع: دموع على سفوح المجد - الفصل الثاني   دموع على سفوح المجد - الفصل الثاني Emptyالخميس يونيو 21, 2007 11:15 am

الـفـصــل الثاني
- (( كلمة أخيرة إذا سمحتم...
السرطان – كما رأينا من خلال المحاضرة – مرض خطير جدا، يقلق الحياة البشرية ويهدد الكثير من أفرادها على اختلاف أعمارهم وأجناسهم، وعلينا أن نعترف جميعاً بأن الطب ما زال عاجزا أمام هذا المرض اللغز الذي يرهب الجميع)).
بهذه الكلمات ختم الدكتور ((إياد عزت)) محاضرته، ولملم أوراقه معلنا بذلك انتهاءها..
وسرت في المدرج ضجة خفيفة، أحدثها الطلبة وهم يغلقون دفاترهم ويجمعون أشياءهم استعداداً للخروج إلا أن صوتاً انبعث من الأمام، أعاد الجميع إلى هدوئهم وصمتهم، واشرأبت الأعناق للتعرف على صاحب الصوت : وهمس طالب يجلس في الخلف:
- إنه ((عصام السعيد)) يسأل...
فأجابه جاره ((صفوان)) وهو شاب اشتهر في الكلية بالعبث واللامبالاة:
- إذا كان عصام هو السائل فعلى الاستراحة السلام.
أعاد الدكتور إياد أوراقه على المنضدة، وقال وهو يذرع منصة الإلقاء بخطىً بطيئة:
(( - زميلكم عصام يسأل عن صحة ما تردد حول اكتشاف معالجات حاسمة للسرطان بالأشعة في الوقت الذي أقول فيه بأن الطب ما زال عاجزاً أمام هذا المرض...
في الحقيقة أيها الأبناء: إن العجز الذي أعنيه ليس بالعجز المطلق، فقد استطاع الطب في حالات قليلة القضاء على السرطان سواء بالمعالجات الشعاعية، أو بالإستئصال الجراحي، أو بالأدوية السامة القاتلة للخلايا السرطانية لكن العام الأهم في شفاء تلك الحالات كان الاكتشاف المبكر للسرطان، بيد أننا إذا أخذنا الحالات السرطانية التي تأخر اكتشافها – وهي الحالات الأكثر مشاهدة– نجد بأن السرطان، قد أنشب فيها مخالبة واندفع بين الخلايا السليمة فخربها، ونما وتطور بشكل سريع فأثر على الوضائف الطبيعية للأعضاء المجاورة، ومهما حاولنا إزالته بالجراحة أو الأشعة أو الدواء، فأنه يعود للإندفاع من جديد، وهذا ما نسميه ((بالسرطان الناكس)).
إن علاج ككل مرض في الطب يعتمد – في المقام الأول- على إزالة السبب الذي أدى إليه. ولما كان السبب الرئيسي المباشر لمرض السرطان ما زال مجهولاً، فإن كل محاولة لعلاجه ستبقى مهددة بالفشل، قاصرة عن إحداث الشفاء المطلوب، لذلك فإنه لا مفر من الاعتراف بأن الطب ما زال عاجزاً عن القضاء على السرطان)).
ثم قال الدكتور إياد وهو يتجه بحديثه إلى عصام:
- هل هذا يكفي يا عصام؟..
لم تشبع هذه الكلمات القليلة فضول عصام التواق للمعرفة، إلا أنه أشفق على زملائه أن يذهب حقهم في الراحة بسببه، فقال بلهجة مؤدبة:
-دكتور... أنا لا أريد أن أطيل على زملائي فهذه الاستراحة من حقهم، فهل لكم أن توجهونا إلى أحدث المراجع الطبية التي توسعت في أبحاث السرطان؟
أعجب الدكتور بلباقة عصام، وقال موجهاً كلامه للجميع:
(( - أنا أشكر عصاماً على اهتمامه العلمي الملفت للنظر، ومراعاته لشعور زملائه وظروفهم، لذلك فإني أترك المجال مفتوحاً لمن أراد الخروج، وسوف أبقى مع من أراد البقاء، وسمحت ظروفه بذلك، من أجل الإجابة عن جميع الأسئلة)).
ومضت فترة من الجلبة والضوضاء، أحدثها خروج عدد من الطلاب الذي ملوا من المحاضرة أو اظطروا للخروج، وآلمت عصاماً كلمات وصلت إلى سمعه وقد صدرت عن ((صفوان)) إذ كان يقول لإحداهن بسخرية واضحة:
(( - لا أشبعه الله أسئلة ومناقشات.. في نهاية كل محاضرة يفتح لنا ملف أسئلته التي لا تنتهي..)).
لكم ينزعج عصام من هذا الشاب المستهتر المغرور الذي يظن الجامعة نادياً للهو والمرح ومرتعا للميوعة والعبث.. إنه يكره فيه تلك الأنانية المفرطة التي تطغى على شخصيته وذلك الاستعلاء الفارغ الذي يطل من عينيه، وتحت مظهره ((الأرستقراطي)) الجذاب كان يملح عصام نفسية دنيئة لا يراها أولئك الذين أعمى بريق المال والثروة أبصارهم، فلم تقوً نظراتهم الكليلة على اختراق القشرة الخادعة إلى الداخل لتسبر الأعماق.
وانتبه عصام من شروده على الدكتور إياد وهو يقول بعد أن هدأ المدرج:
(( - قبل أن أوجهكم إلى الكتب الحديثة التي تتحدث عن السرطان أود أن أخبركم بأني سعيد جداً بهذه المناقشات العلمية التي يضطرنا إليها زميلكم عصام أحيانا، وأنا حقيقة متفائل جدا به وبأمثاله، وأتمنى من كل قلبي أن يكون شبابنا جميعاً بمثل هذا الاهتمام المشرف)).
وندت عن عصام كلمة شكر سريعة، فرد عليها الدكتور ثم أردف قائلاً ويداه تستندان على المنضدة ونظراته تتنقل بين الوجوه:
(( - الطب يا أعزائي ليس مجرد مهنة مرحبة ومركز اجتماعي رفيع... إنه قبل كل شئ رسالة إنسانسية حملناها من أجل سعادة الإنسان وحمايته من الأمراض والآلام...
يجب أن ندرس العلم أيها الأبناء حباً بالعلم وخدمة للإنسان، لا من أجل المادة والشهرة. أنا مؤمن بأن مجتمعنا يملك نخبة فذَّة من النوابغ الذين يؤمنون بالعلم من أجل العلم والإنسان، لكن هذه النخبة تحتاج لمن يكتشفها... لمن يرعاها ويوجه خطاها... لمن يزرع في داخلها الثقة بالنفس، ويوقد في أعماقها جذوة الطموح...)).
ثم بعد صمت قصير:
(( خذوا مثلا قضية السرطان التي كنا بصددها، إننا جميعا نتلهف لأن يجد الطب لها حلاً، وننتظر جميعا – حتى نحن المختصين في هذا المجال – أن يقدم لنا الغرب علاجاً حاسماً لهذا المرض، لكن أحدنا لم يفكر يوماً أن يكون هو المكتشف لذلك العلاج المنشود، أو أن يكون أحد المساهمين في اكتشافه. لماذا؟.. لأننا لا نثق بأنفسنا الثقة الكافية، ولا نملك الطموح إلى ذلك!!)).
وانتبه الدكتور إياد إلى عصام وقد رفع يده طالباً الإذن ليتكلم، فسمح له بإيماءة فقال:
(( - دكتور... بالإضافة لما تفضلتم به من ضرورة توفر الثقة بالنفس والطموح، لا بد أن تتوفر لدينا الإمكانات المادية، فنحن كما تعلم ينقصنا المال و((التكنولوجيا)) المتطورة والضروف المعيشية والاجتماعية التي تسمح للباحث أن يتفرغ لأبحاثه دون أن تستهلكه مشاكله وهمومه الخاصة... )).
علق الدكتور إياد مؤكداً كلامه:
(( - هذا حق... فالمشكلة المادية و((التكنولوجية)) قائمة فعلاً، لكنها ليست مستحيلة الحل. فمعاهد الأبحاث الدولية المهتمة بأبحاث السرطان، تفتح أبوابها لكل باحث بغض النظر عن لونه أو عرقه أو انتمائه، لأن مشكلة السرطان مشكلة إنسانية وليست مشكلة إقليلمة.. إنها تهم البشرية جمعاء)).
رفع ((سعد)) يده مستأذنا الاشتراك بالمناقشة، وهو طالب متفوق يُعرف في الكلية بحث النقاش الجاد والحوار الهادف، فأجابه الدكتور إياد إلى طلبه قائلا:
- تفضل يا ((سعد)).. يسرني أن تشاركنا النقاش...
قال سعاد بنرات قوية وهو يشير بيده إلى شئ ما:
- على الحكومات في بلادنا أن تتبنى المواهب العلمية، وتدعمها بلا حدود بغض النظر عن اتجاهاتها ومذاهبها، وعوضاً عن صف المبالغ الطائل من أجل ترفيه المواطن وتسليته، يجب أن يبذل الجزء الأكبر منها لبنائه وتطوير قدراته ومواهبة.
أكد الدكتور كلامه بلهجة أكثر قوةً وحزماً:
- الحكومات والهيئات العلمية والاجتماعية، والشخصيات المقتدرة الغنية.. كل أولئك يتوجب عليهم ذلك.
ثم ابتسم ابتسامة فيها شئ من الامتعاض، وقال بلهجة آسفة:
- خطأ كبير أن لا نأخذ من حضارة اليوم إلا القشور!!!..
هتف شاب اسمه ((عرفان)) وقد أنساه التفاعل مع النقاش نفسه فلم يطلب الإذن بالكلام:
- والحل؟؟؟...
أجاب الدكتور إياد، وقد تفهم سبب هذا التجاوز لقواعد النقاش التي يصر عليها دائما:
- الحل يا عرفان أن نحاول.. أن نبدأ، والطريق مهما طال يبدأ بخطوة. أنا لا أملك إلا الكلمات، وشئ آخر استطيعه...
وجم الجميع بانتظار ما سيقوله الدكتور إياد الذي تقدم من عصام ووضع يده على كتفه في ود وقال:
أنا مستعد لتقديم الدعم المادي والعلمي والأدبي لكل طالب يريد أن يشق طريق البحث الطبي لا سيما في أبحاث السرطان. عليه فقط أن يعلمني باستعداده لذلك، وأنا سأتصرف...
وضج المدرج بعاصفة من التصفيق الحار، وسرت فيه همسات الإعجاب والتقدير لهذه المبادرة السخية.
كانت كل العيون ترمق الدكتور إياد بحب وإكبار، لأنه يجسد مثالاً وضيئاً لرجال الأمة المؤهلين لصنع غدها المأمول، إلا عينين واسعتين لفتاة جميلة هي ((سامية)) ابنة الدكتور ((إياد)) إذ كانت ترقب عصاماً وقد فهمت مغزى هذه المبادرة التي أعلنها أبوها، فقد حدثها فيما مضى كثيراً عن إعجابه بهذا الشاب الذكي الطموح... أما عصام فقد أدرك من كلام الدكتور إياد ونظراته أنه يقصده بهذا التبني العلمي الكريم، فانفعلت نفسه لهذا الاهتمام ولمعت عيناه بدموع التأثر والوفاء..
لا يدري عصام لماذا تذكر في تلك اللحضات أباه؟!..
لعل الدكتور إياد استطاع أن يحتل في أعماقه مكان والده الراحل!!..
* * *

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دموع على سفوح المجد - الفصل الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دموع على سفوح المجد - الفصل الخامس
» دموع على سفوح المجد - الفصل الأخير
» دموع على سفوح المجد - الفصل الأول
» دموع على سفوح المجد - الفصل الثالث
» دموع على سفوح المجد - الفصل الرابع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
~¤§¤~منتديات المبدع~¤§¤~ :: قسم القصص والروايات-
انتقل الى: